-A +A
عبدالله الاشعل
علاقات مصر والصين ترجع إلى منتصف خمسينيات القرن العشرين عندما قدر لجمال عبدالناصر أن يذهب إلى مؤتمر باندونج فى إندونيسيا لدول عدم الانحياز فى مارس 1955؛ ليلتقي بالزعيم الصيني شوين لاي رئيس الوزراء حين ذاك في أول اتصال رسمي بين القيادة المصرية الجديدة بعد الثورة، وبين القيادة الصينية الجديدة بعد الثورة الشيوعية فى الصين، وكان كل منهما فى حاجة ماسة إلى الآخر. فهل توجد حاجة ماسة الآن بين مصر الثورة والصين التي تزحف بانتظام صوب موقع الدولة العظمى؟ أم أن حاجة مصر إلى الصين هي الماسة دون أن يقابلها حاجة الصين إلى مصر؟. تجب الإشارة فى هذا السياق إلى أن أوزان الدول وحاجاتها متغيرة، والعالم وعلاقات دوله فى حركة دائبة، ولذلك تختلف التحالفات والتقاربات فى معظم الأحيان. ونادرا ما تعرف هذه التحالفات الثبات النسبي. ففي مارس 1955 كانت مصر تبحث عن مصدر غير أمريكي للسلاح بعد مذبحة غزة التى نتجت عن قيام إسرائيل بالعدوان على غزة فى فبراير من ذلك العام. ولما كانت الحرب الباردة بين الشرق بقيادة موسكو، والغرب بقيادة واشنطن على أشدها، وكانت الصين طرفا في الحرب مع المعسكر الشرقي وقبيل انعقاد مؤتمر جنيف لتسوية الحرب فى الهند الصينية وقد تلقفت الصين هذه الفرصة لكي تكسب مصر بوابة أفريقيا والعالم العربي، وعلى نقطة التماس مع إسرائيل ضابط الاتصال الغربي فى المنطقة. وبذلك حصلت مصر على أسلحة تشيكية، وانتقلت مصر بذلك من الناحية العملية صديقا للمعسكر الشرقي المناوئ للغرب.
وترتيبا على ما تقدم فإن زيارة الرئيس المصري إلى الصين هي أول زيارة لرئيس منتخب يحمل مشروعا للانفتاح الخارجي، والتنمية فى الداخل، ويأمل أن تعود مصر إلى قامتها الطبيعية بعد تحجيمها فى القمقم الأمريكي الإسرائيلي لعدة عقود. و في مجال العلاقات الخارجية فإن ترسيخ مكانة مصر فى الإقليم هو الذي يدفع الصين إلى وضع مصر فى الاعتبار فى مساعيها لتسوية الأزمات الإقليمية.